مفهوم السماء 1

من طرف **علي رحمة** السبت يوليو 02, 2011 8:09 am

مفهوم السماء 1
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين وعلى سيدنا
الامام المهدي والمسيح الموعود .
هل تتسمع الشياطين على الله؟ وهل الله في السماء المادية حتى تتسمع عليه الشياطين؟ وما معنى السماء؟ سنتطرق في هذه المقالة لهذه الاسئلة ونحاول الاجابة عليها من القران الكريم والحديث الشريف ومن الحقائق العلمية باذن الله تعالى .
هذا الموضـوع يحتاج الى الانتباه والتدبر والتركيز لكي يُفهـم جيدا لقد شاع بين الناس عموما ان الجن والشياطين تستطيع ان تصعد الى السماء المادية وتتسمع على ما يقول الله عز وجل للملائكة فتختلـس بعض المعلومات عن امور الغيب فتوحي بها لبعض المنجمين
الذيـن هم على صلة بهؤلاء الجن والشياطين الذين يزعمون انهم على اطلاع بأمور الغيـب ... هذه الافكار في الحقيقة لم تكن موجودة في زمن الرسول صلى الله عليـه
وسلم ولا كانت منتشرة بين المسلمين لكنها كانت موجودة بين المشركين فكان رسول الله يُكذّب المنجمين ولو صدقوا .وفي العصور التي بعد الناس فيها عن دينهم لانهم يسعون وراء الماديات والاماني الكاذبـة اعتقدوا بهذه الخرافات الاغنياء منهم يبحثون عن التسلية وبعد ذلك تنتشر هذه الافكـاروالخرافات بين الطبقات الاخرى من المجتمع فياتي دور المشائخ لكي يبحثوا لها عن مبرر في الدين ليطفي عليها شرعية ومصداقية وهذا غالبا ما يحصل بحسن نية واجتهادات خاطئة لبعض النصوص .ونحن نرى موضوع صعـود
الشياطين الى السماء والتّلصُّص لمعرفة الغيب هي من الامور التي اخطا فيها بعض المفسرين والباحثين فكانوا يفسرون الايات لكي تتفق مع ما يؤمن بـه العامة من الناس.
والان سنبين ما هي السماء لكي نفرق بين مفهوم السماء عند الناس فـي الازمان السابقة ومفهوم السماء كما جاء في القرآن الكريم ومفهوم السماء كما وصل الينا في زمن العلم .
السماء في اللغة هي كل ما علا وكل ما علا فقد سمــا وسقف الحجرة هو سمائها لأنه أعلى ما فيها ويطلق اسم السماء على الزرقة التي نراها تحيط بالارض اثناء النهار , وتطلق السماء على الأديم الذي يحتوي على النجوم والكواكب اثناء الليل , وكل ما سوى الارض فهو سماء , وما ارتفع من الارض فهو سماء , والقرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين لذلك فما جاء فيه عن السماء فهو لا يخرج عن المعنى اللغوي للسماء , فالسماء هي كل ما علا الارض , يقول تعالى : { ألم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء }ابراهيم=24= يعني فروع هذه الشجرة الطيبة تعلو عن الارض وهذا العلو عن الارض يصفه القرآن بأنه سماء مع أن ارتفاع أي شجرة هو مجرد أمتار معدودة كما يعلم الجميع .
صدره ضيقا حرجا والامر الثاني هو كل ما علا فهو سماء حتى ما علا من الارض يقول تعالى =ومن يرد ان يضله يجعل كأنما يصّعد في السماء }الانعام=125= .والعرب يعرفون أن الصعود في
السماء هو تسلق الجبال مما يجعل التنفس صعبا لقلة الهواء ,في الاعالي مع تواصل الصعود , فهذا الجبل العالي يعتبر ايضا سماء . كذلك السحاب الذي يعلو الارض ايضا سماء , يقول تعالى :{ هو الذي انزل من السماء ماء }النحل=10= والمعروف ان الماء ينزل من السحاب , وأيضا في هذا المعنى يقول تعالى : { والسحاب المسخر بين السماء والارض }أيضا الغلاف الجوي سماء يقول تعالى : { أولم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله }النحل=79= وطبقة الاوزون الموجودة في الطبقات العليا التي تحفظ الإنسان من الموجات الحرارية القوية القادمة من الشمس هي أيضا سماء , يقول تعالى . { وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون } الانبياء32=وفي إحدى المرات سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السماء التي هية سقف محفوظ , فقال : {موج كف عنكم } ولعل الناس بقوا سنوات طويلة يتسائلون عن الموج الذي كفّ في السماء إلى أن جاء العلم بالإجابة الشافية التي هية طبقة الأوزون وأخيرا الأديم الذي يحتوي على الكواكب والنجوم هو أيضا سماء , يقول تعالى : { تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا }الفرقان )161= وعلى هذا فإن لفظ السماء في القرآن الكريم ينطبق على سبع أنواع من السماء أو سبع سموات , يمكن أن يؤخذ بحرفيته ويمكن أن يدل على عدد غير محدود , أي الكثرة كما هو المدلول العربي لكلمة {سبعة } أو{ سبع مائة} كما يمكن فهم اللفظ القرآني { سبع سموات طباقا } على أنه بناء يعلو بعضه البعض ويمكن فهمها على أنها تشبه بعضها البعض , فلفظ { الطباق } يعني التشابه .القرآن الكريم يقرر أن هناك سبع أراضي تشابه السماوات السبع وفي هذه الحالة تكون الأراضي السبع هي القارات السبعة , هي آسيا , أوروبا , أفريقيا , أستراليا , أمريكا الشمالية , أمريكا الجنوبية , وقارة القطب الجنوبي , أو تكون الأراضي السبع هي عدد كبير من الكواكب الأرضية التي تماثل الأرض في تركيبها, والتي يجزم العلماء على أنها منتشرة في مجرتنا وفي مجرات أخرى .
كان الناس يعتقدون أن السماء التي تحتوي على الشمس والقمر والنجوم والكواكب أنها
ليست بعيدة عن الأرض حتى أن فرعون طلب أن يبنوا له صرحا لكي يصعد عليه إلـى
السماء فيطلع على الالـه الذي يزعم به موسى يقول تعالى : { قال فرعون يا هامان ابني لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إلـه موسى وإني لاظنه كاذبا }غافر=36= , وهذه الفكرة ظلت هي الفكرة السائدة على فكر العامة إلى أن صنعـوا { التيليسكوبات } الحديثة وبدأ الناس يدركون أن الشمس تبعد عن الأرض بحوالي اثنين وتسعين مليون ميل والشمس ليست إلا كوكبا صغيرا أمام الملايين من الكواكب والشموس التي تفوقها في الحجم آلاف المرات , وهناك ألوف الملايين من المجرات التي تمتد على مدى البصر الذي لم يستطع الوصول إلا لمسافة لا تقاس بالأميال ولكن تقاس بسرعة الضوء التي تبلغ سرعته مائة وستة وثلاثين مليون ميل فـي الثانية , وبهذا تكون المسافة بين الشمس والأرض ثمـان دقائق ضوئية بينما يبلغ مدى الرؤية التي استطاع البصر الوصول إليها لحد اليوم يتراوح ما بين خمسـة عشر مليار سنة ضوئية , لكن ماذا هناك بعد هذه المسافة ؟ لا أحد يعرف.
وربما كلما حسّن الإنسان من أدوات الرؤية كلما اكتشف وهكذا بلا حدود ولا نهاية والآن لنفرض أن هذا الكون المادي يمتد على مدى خمسة عشرة مليار سنة ضوئية فقط .
ولنفرض أن هناك بعد هذا يوجد بناء لهذا الكون الذي ظن فرعون أن الله وملائكته يقيمون فيه , وهناك من يشاركه الظن هذا في يومنا هذا فهل هذه هي السماء التي يصعد اليها الجن والشياطين لكي يستمعوا على الله والملائكة ويختسلوا معارف الغيب كما هو شائع في اذهان الناس ؟ .أم السماء التي يتسمّع فيها الشياطين هي سماء أخرى روحانية ؟ .

هذا ما سنتطرق اليه في المقال الآتي بإذن الله ولكم مني اجمل الامنيات
AL7OSAM