خاتم النبيين
صفحة 1 من اصل 1
خاتم النبيين
بسم الله الرحمن الرحيم.
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد أشرف الخلق و المرسلين, و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين .
يقول الله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (40) سورة الأحزاب.
المفهوم الخاطئ و الأثر السيئ :
ورثت الأمة الإسلامية فهما خاطئا لعبارة , و ترسخ المفهوم الخاطئ عبر قرون من الزمن .و أضحى سدا منيعا أمام كل من يريد فهم كتاب الله حق الفهم .و رغم انتباه كثير من علماء الأمة منذ القرون الأولى إلى هذا الخلل العظيم في عقيدة المسلمين إلا أن أصواتهم كانت لا تسمع بين جمهور غفير ممن عملوا على ترسيخ مفاهيم خاطئة بعيدة كل البعد عن حقيقة الوحي .
من هؤلاء العلماء الأجلاء, الحكيم الترمذي المتوفى سنة 319 للهجرة.
الذي قال : (( فإن الذي عمي عن خبر هذا, و يظن أن خاتم النبيين تعني آخرهم.فأي منقبة في هذا و أي علم في هذا ,؟.هذا تأويل البله الجهلة)).كتاب ختم الأولياء.
و بذلك رسخ الجمهور مفهوما خاطئا لعبارة خاتم النبيين في أذهان عموم الأمة.و لم يتخلص من هذا الفهم السقيم إلا قلة قليلة ممن حباهم الله بالعقل السليم و بالفهم السديد لكتاب الله و سنة رسوله خاتم النبيين.
حصر أولئك معنى ( خاتم النبيين) في آخر النبيين .
مع أن سياق الآية الكريمة, لا يوافق مذهبهم .و لا السياق اللغوي أيضا يسعفهم. فكلمة لكن , تنفي ما قبلها من الجملة و تثبت ما بعدها في نفس السياق .
و الآية الكريمة تنفي أبوة رسول الله البيولوجية للمسلمين, و تثبت أبوته الروحية لهم جميعا.
و بذلك يكون معناها واضحا تماما, في كون رسول الله ليس أبا لأحد من رجال المسلمين أبوة مادية بيولوجية.لكنه أبوهم روحيا باعتبار رسول الله و خاتم النبيين لهم جميعا و إلى قيام الساعة.
أما إذا أخذنا بالفهم التقليدي الخاطئ سننتهي إلى المعنى التالي: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن آخر الأنبياء.
و ننتهي إلى تفريغ الآية الكريمة من محتواها .بل نجعلها آية ناشزة لا استقامة للمعنى فيها البتة.
لقد حسم الإمام المهدي و المسيح المحمدي عليه السلام الخلاف و إلى الأبد بالبراهين القرآنية القاطعة , و أتم إقامة الحجة على المسلمين جميعا و على غيرهم من أهل اللغة العربية بتحد لا يزال قائما حتى اللحظة و سيظل قائما إلى قيام الساعة.
لقد طلب الإمام المهدي من معارضيه تقديم مثال يتيم وحيد على منوال الآية , بحيث تكون كلمة خاتم مضافا.و المضاف إليه جمع العاقل.و لا تعني كلمة خاتم إلا آخر.
و لم يتمكن أحد من أهل العلم و من أهل اللغة من رفع التحدي حتى اللحظة. أفلا تكون هذه آية باهرة على صدق هذا المبعوث الرباني , الذي كان معارضوه يعيرونه بكونه أعجميا؟.
كيف لا تكون آية و قد أصلحه الله في ليلة واحدة , مصداقا لقول النبي خاتم النبيين : (( المهدي منا آل البيت يصلحه الله في ليلة)).
المفهوم الخاطئ لخاتم النبيين و إساءته للنبي و للإسلام و للمسلمين و لله تعالى أيضا:
إن اعتبار عبارة ( خاتم النبيين ) تعني آخرهم, تحمل من الإساءات لله تعالى و للنبي و للإسلام و للمسلمين الكثير الخطير.
إساءة لله تعالى باعتبار تناقض آي الذكر الحكيم :
على فرض كون خاتم النبيين تعني آخرهم, سيكون القرآن الكريم متناقضا بين آياته الكريمة المنزهة عن التعارض و التناقض يقينا .فلا شك أننا حين نقرأ قول الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (75) سورة الحـج.لا شك أننا نفهم من الآية يقينا أن الله تعالى لا يزال يصطفي من الملائكة رسلا, كما لا يزال يصطفي من الناس رسلا .و مفعول الآية الكريمة ماض و إلى قيام الساعة , لصحة القرآن الكريم, و لصلاحيته و إلى يوم القيامة.
لكن مع وضعها جنبا إلى جنب مع المفهوم الخاطئ , يتضح يقينا وجود خلل و تناقض في كلام الله , و هذا ما لا يصح مطلقا.
فالآية الأولى تفيد أن محمدا –ص- هو آخر الأنبياء , لكن الآية الثانية تفيد يقينا أن الله لا يزال يصطفي من الناس رسلا.
و هذا هو الشأن في كل آي الذكر الحكيم التي تفيد يقينا استمرار نعمة الوحي في أمة سيد الخلق و المرسلين .و منها أيضا قول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (35) سورة الأعراف.
إساءة للرسول محمد خاتم النبيين عليه الصلاة و السلام:
إن اعتبار محمد-ص- آخر الأنبياء, ينزله منزلة هي دون مقامه الرفيع الذي لا ينبغي لأحد من خلق الله غير رسول الله خاتم النبيين. فأي مكانة و أية منقبة و أية درجة أن يكون رسول الله هو آخر الأنبياء.
على العكس تماما. سيصبح مجيء رسول الله و العياذ بالله كنقمة على البشرية جمعاء. فقد ظل البشر يتمتعون بنعمة الوحي إلى أن جاء رسول الله , و انقطعت النعمة العظيمة بمجيئه.فهل صار محمد –ص- رحمة و نعمة أم خصومة مع الله و نقمة؟. و حاشاه بل هو رحمة الله للعالمين.
إن القائلين بكون رسول الله هو آخر الأنبياء مجيئا للدنيا, لا يلبثون أن ينزعوا عنه هذه المكانة التي هي دون مكانة رسول الله .فهم على تمسكهم بهذا الفهم الخاطئ ينتظرون مجيئ نبي من بني إسرائيل. و يلتمسون مئات الحجج الواهية لتبرير حياة عيسى بن مريم ع س في السماء و عودته بلحمه و دمه آخر الزمان.
و يكفي أن يتجرد الإنسان للحظة قصيرة من الزمن , ليسأل نفسه: عندما يرجع نبي الله عيسى آخر الزمان.ألا يعني هذا أنه صار هو آخر الأنبياء مجيئا للدنيا؟.
لا يختلف عاقلان على كون مجيئ عيسى آخر الزمان , هو نقض صريح لخاتمية نبوة محمد-ص- .فهو سيصير آخر الأنبياء بدلا من محمد خاتم النبيين .
ثم إن هؤلاء ينقضون مرة أخرى كلامهم , إذ ينتظرون أيضا مجيء الإمام المهدي آخر الزمان. و ليس له من وسيلة يقينية لمعرفة أنه حقا هو الإمام المهدي إلا أن يتلقى وحيا من الله تعالى.عندها سيصبح هو أيضا آخر من تلقى خطابا من الله تعالى. و سيصبح هو آخر الأنبياء حتما و ليس رسول الله خاتم النبيين.
تلخيصا لما سبق , نعتبر كون رسول الله آخر النبيين , إساءة في حق المصطفى, فهي درجة أقل و أدنى من مكانة رسول الله .فضلا على كونها مكانة زائلة لا محالة بمجيئ عيسى بن مريم , و بمجيء الإمام المهدي.3
إساءة للإسلام و للمسلمين:
إن اعتبار خاتم النبيين تعني آخر النبيين , تتضمن إساءة بالغة للإسلام .فهو بالرغم من كونه الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده, إلا أنه لا و لم يفلح في الرقي بأتباعه إلى مصاف الرجال المقبولين عند الله روحيا و إيمانيا. بل لم يفلح الإسلام على يد رسول الله في أن ينتج رجلا في مستوى حواريي عيسى عليه السلام.الذين أوحى الله تعالى لهم.
يقول الله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} (111) سورة المائدة.
و هذا الفهم العقيم إنما هو إساءة للمسلمين أيضا لأنهم رغم اتباعهم رسول الله إلا أنهم عاجزون عن الإرتقاء إلى مستوى الحواريين الذين آمنوا بعيسى بن مريم.فأوحى الله تعالى لهم.
بل الأمر أخطر من هذا , حين نعلم أن الله تعالى أوحى لبعض سيدات بني إسرائيل , يقول الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (7) سورة القصص.
فهل عجز محمد-ص- على تكوين رجال مؤمنين , في درجة أم موسى؟.
البراهين القرآنية التي تثبت استمرار نعمة الوحي في أمة المصطفى عليه الصلاة و السلام:
قبل طرح البراهين القرآنية التي تثبت استمرار نعمة الوحي في أمة هي خير أمة أخرجت للناس, نود أن نطلب من الذين يزعمون انقطاع الوحي انقطاعا مطلقا و بكل أشكال الوحي أن يقدموا لنا دليلا قرآنيا واحدا يثبت يقينا صدق مذهبهم.
و لن يسعهم تقديم هذا الدليل اليتيم مطلقا. بل لو أفلحوا و العياذ بالله لأثبتوا يقينا تناقض كتاب الله و العياذ بالله.
لكننا سنطرح بعض الأدلة القرآنية القاطعة التي تثبت استمرار الوحي في الأبرار من أمة سيد الخلق و خاتم النبيين.
1-يقول الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى.
علقت الآية الكريمة كلام الله على البشر.و لم تعلقه على الأنبياء أو المرسلين. فهي لا تقول : (( و ما كان لنبي أو لرسول أن يكلمه الله)). بل قالت : (( و ما كان لبشر أن يكلمه الله.....)).
فما دام في الأرض بشر, فاحتمال أن يكلم الله بعضهم وارد لا يمنعه أحد.
2-يقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (35) سورة الأعراف.
الخطاب القرآني موجه لبني آدم . و لا يوجد ما يخصص عبارة بني آدم فيمن سبق مجيء محمد-ص- أو غير ذلك. فالبشر الموجودون اليوم في الأرض , هم يقينا من بني آدم.و ما دام في الأرض بنو آدم فالاحتمال وارد أيضا.بأن يبعث الله منهم رسلا يقصون عليهم آيات الله تعالى.
3-يقول الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (75) سورة الحـج.
الآية صريحة و واضحة و لا يمكن ردها إلا بالعدوان الصريح على الوحي .فالله تعالى يخبرنا أن يصطفي في صيغة المضارع و التي تفيد الاستقبال يقينا , لصحة كتاب الله و إلى قيام الساعة.
و معنى القول بانقطاع الوحي , أن الله تعالى لم يعد يصطفي من الناس رسلا.و هذا رد صريح وقح لكلام الله تعالى.
لقد رأينا من خلال هذه الآيات القرآنية الكريمة أن الله تعالى يخبرنا باستمرار الوحي يقينا, على الناس, و على بني آدم, و على البشر.و نحن نعلم يقينا أيضا أن البشر , هو الناس و هم بنو آدم و هم موجودون أيضا في الأرض حتى اللحظة.فاحتمال أن يصطفي الله منهم رسلا وارد لا يمنعه أحد بعكس مشيئة الحي القيوم.
لا شك أن الكلمات الواردة في الآيات القرآنية العظيمة ( البشر, الناس, بنو آدم) تحتاج إلى بحث .فهل نعمة الوحي متاحة لكل بشر.لكل آدمي و لكل إنسان ؟.أي بما يفيد العموم المطلق.
الجواب قرآن كريم يتلى و إلى قيام الساعة, و البرهان القرآني الآتي , يحمل دليلا قاطعا على استمرار نعمة الوحي على البشر’ لكنه يحمل أيضا في طياته تخصيصا تاما لمن هم أهل لهذه النعمة الربانية العظيمة.
4-يقول الله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} (2) سورة النحل.
فها هي الآية الكريمة تخصص من هم أولئك الذين يخصهم الله بنعمة الوحي.فتتنزل عليهم الملائكة بالروح أي الوحي باتفاق الأمة. فالروح يفسرونها بالوحي.
إنهم عباد الله .و ليسوا جميع بني آدم وأو جميع البشر أو جميع الناس. و تعني عباد الله, هم الذين يعبدون الله بحق.و لا دين يقبله الله غير الإسلام.و لا شرع يقبله الله غير شرعه و شرع نبيه محمد خاتم النبيين.
فالتخصيص تام و واضح , فنعمة الوحي مستمرة في أمة المصطفى.و في عباد الله الذين قال عنهم الله أيضا :
5- {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (30) سورة فصلت{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31) سورة فصلت.
فها هم عباد الله الذين قد يخصهم الله بنعمة مخاطبته و وحيه. فهم عباد الله الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.استقامة رسول الله الصادق الأمين . {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (112) سورة هود.
و الآيتان الكريمتان , تحملان أيضا دليلا قاطعا على استمرار نعمة الوحي على عباد الله الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.فهما تفيدان يقينا أن الملائكة تتنزل عليهم.أي أنها تتنزل مرات و مرات.و لا تقول الآية أن الملائكة نزلت أو تنزل , مرة واحدة.عند الغرغرة أو في الحياة الدنيا, مرة واحدة لا غير. بل تفيد الكلمة (( تتنزل)) وقوع تنزل الملائكة مرات و مرات كثيرة .
6-يقول الله تعالى عن القرآن الكريم : {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (19) سورة القيامة.
لقد تكفل الله تعالى ببيان كتابه و إلى قيام الساعة .لكن السؤال الوجيه , كيف يكون بيان الله تعالى لكتابه القرآن؟.
لا يمكن أن يقول قائل أن الله تعالى سيلقي لنا تفسيرا للقرآن الكريم دون واسطة .و على حين غفلة من الناس. فيجدون تفسير القرآن الكريم مكتوبا بين أيديهم بين عشية و ضحاها.
بل القرآن الكريم يبين لنا كيفية بيان الله تعالى لكتابه المجيد في قوله الذي قرأناه سابقا: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى.
فالله تعالى و كما تعهد ببيان كتابه الكريم, يجتبي من عباده المؤمنين أتباع النبي خاتم النبيين حق الإتباع.و يبين لهم الفهم الصحيح لكتابه الكريم , أو لبعض آياته أو سوره, بطريقة من طرق الوحي المذكورة في الآية القرآنية الكريمة .
7-لقد أخبرنا الله تعالى أن بطشه بالقرى مستمر و إلى قيام الساعة. يقول الله تعالى: {وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} (5Cool سورة الإسراء.
فهمها بلغ البشر من القوة و من الجبروت فهم لا يعجزون الله تعالى و لا يفلتون من عقابه و من سخطه كلما استحقوا ذلك .فهو الذي خلقهم و شدد أسرهم.
لكن الله تعالى تعهد أيضا أنه لا يهلك القرى إلا بعد إنذار واضح و شديد.يقول الله تعالى: {ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} (131) سورة الأنعام.
8-و يقول أيضا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (59) سورة القصص.
فلا يحسن بنا أن نسيء الظن بربنا الكريم الرحيم.و نعتقد أنه يمكن أن يتخلى عن وعوده.و يناقض كلامه, فيهلك الناس بعد وفاة محمد –ص- دون سابق إنذار منه .فالآية الكريمة تفيد يقينا أن الله تعالى تعهد بإنذار القرى الظالمة قبل إهلاكها.بأن يبعث في أمها رسولا .
و لا شك أن سنة الله تعالى مستمرة و إلى قيام الساعة .فكان لزاما أن يبعث الله فيمن جاءوا بعد رسول الله رسولا ينذرهم سوء عاقبة ظلمهم.
و لا شك أن البشر الذين أتوا و سيأتون بعد وفاة الصادق الأمين خاتم النبيين مشمولون بسنة الله تعالى هذه. لذلك لا بد من وجود إشارة قرآنية عظيمة و واضحة للمبعوث الرباني الذي سيرسله الله إلى القرى الظالمة بعد رسول الله.
9-يقول الله تعالى: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} (17) سورة هود.
فالآية واضحة, حيث تتكلم عن الذي كان على بينة من ربه, و هو محمد-ص-.فهو الذي كان قبله كتاب موسى إماما و رحمة. و لكن من هو الشاهد الذي يتلوه؟.
لا شك أن الآية الكريمة تخبرنا أن هذا الشاهد هو من الذي كان على بينة من ربه. أي من أمته .و ليس من خارج أمة رسول الله الصادق الأمين.
و هو شاهد. بمعنى أن مهمته ستكون الشهادة على صدق الذي كان على بينة من ربه, و الشهادة أيضا على من سيرسله الله إليهم من أمة محمد-ص-.و بذلك سيكون حكما عدلا بينهم .و ستكون مهمته إنذارهم و توجيههم للعودة إلى ما كان عليه النبي و صحبه الكرام.
10-يقول الله تعالى : {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (69) سورة النساء.
لذلك جعل الله تعالى صلاتنا لا تصح إلا بقراءة الفاتحة , حيث يدعو المسلم مرات كثيرة كل يوم و ليلة لأن يجعله الله تعالى من هؤلاء الذين أنعم عليهم .
و إلا فما فائدة الصلاة إن لم تكن ترتقي بالمسلم لتلك المراتب الروحية الإيمانية , التي من بينها مرتبة النبيين ؟.
11-يقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60) سورة غافر.
لقد وعدنا الله تعالى باستجابة الدعاء. فكيف سيستجيب الله دعاءنا و تضرعاتنا إن لم يكن بتوجيهنا بإلهامات منه تعالى؟.
و كيف يستسيغ القائلون بانقطاع الوحي أن يصبح الله تعالى لا ينطق و لا يجيب ؟. و هو الذي استنكر على الكفار عبادتهم لآلهة لا ينطقون؟.
12-يقول الله تعالى : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.
و لا شك أن الذين استخلفهم الله تعالى الأولين في الآية هم المسلمين الأوائل .بعد نبوة محمد-ص- و هم الخلفاء الراشدون.و لا شك أن الموعودين بالاستخلاف الثاني هم الخلفاء الراشدون الذين يأتون بعد خليفة الله المهدي .و لا شك أنهم مؤيدون بالوحي و بالتوجيه الرباني كما كان الخلفاء الراشدون مؤيدين بالوحي و بالتوجيه الرباني .
هذه بعض البراهين القرآنية القاطعة التي تفيد يقينا استمرار نعمة الوحي في أمة خاتم النبيين .و لا شك أن هناك من البراهين القرآنية غير هذه .
المفهوم الصحيح لخاتم النبيين:
يقول الله تعالى : {.......ِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3) سورة المائدة
فلا شك أن الدين كامل , و النعمة تامة على أمة سيد الخلق و المرسلين. فلا دين بعد الإسلام .و لا تشريع رباني بعد القرآن و بعد تشريع النبي محمد خاتم النبيين.
فلا يمكن أن يأتي نبي و لا رسول بدين جديد مطلقا. و لا يمكن أن ينزل الله تعالى كتابا سماويا آخر بعد القرآن الكريم .
أما النبوة من غير تشريع و لا دين جديد, و في ظل نبوة محمد الصادق الأمين , فقد رأينا البراهين القرآنية القاطعة التي تفيد استمرار هذه النعمة العظيمة.
لكن من المؤسف أن يفهم القائلون بمخاصمة الله تعالى للبشر , أن تمام النعمة يعني زوال أكبر نعمة و هي نعمة الوحي. فبأي حق , يستثني هؤلاء أكبر نعمة أنعم الله تعالى بها على البشر المؤمنين؟.
أليس معنى فهمهم هذا أنهم يردون كلام الله ؟. فهم يقولون بلسان حالهم: لا يا رب , أنت لم تتم نعمتك علينا.لأن نعمة الوحي قد حرمتنا منها.
و هذا فهم متعارض يقينا مع كتاب الله الحكيم. الكتاب الخالد و إلى قيام الساعة.و الذي يعني وجوده محفوظا بعهد من الله تعالى استمرار الوحي يقينا.أليس القرآن الكريم وحيا من الله؟.
كيف ينقطع الوحي على أمة المصطفى, و كنز الوحي موجود بين أيديهم يستلهمون منه المعارف القرآنية و الكونية العظيمة في كل حين؟.
أدلة استمرار نعمة الوحي في أمة المصطفى من السنة النبوية الشريفة:
1-من المعلوم لدلى كافة المسلمين أن رسول الله محمد-ص- أوتي جوامع الكلم.و هو أفصح الناس لسانا عربيا مبينا. لذلك لا بد أن تكون السنة النبوية الشريفة أيضا حكما في قضية ختم النبوة.
و لو كان رسول الله يفهم أنه آخر نبي من أنبياء الله, لما أخبرنا بنزول عيسى بن مريم من بعده.إذ سيكون هذا تناقض و تعارض صريح في كلامه .و تعارض صريح مع كتاب الله .
و قد ثبت أن رسول الله أخبرنا قائلا: (( يوشك أن ينزل فيكم عيسى بن مريم حكما عدلا.....)).
و مجيء عيسى بعد رسول الله و يجعل منه آخر الأنبياء مجيئا للدنيا يقينا.و لا يملك المخالفين سوى الجرأة في ردهم كلام الله و رسوله لتطويعه لفهمهم السطحي المتناقض.
لم يدع رسول الله للقائلين بكونه آخر الأنبياء ملاذا و لا تبريرا للتعارض الرهيب في أفكارهم. حيث يزعم بعضهم أن عيسى بن مريم ع س عندما ينزل آخر الزمان لن يكون نبيا.بل سيأتي مجرد مسلم عادي.
لقد سمى رسول الله عيسى بن مريم الذي ينزل آخر الزمان نبيا أربع مرات في حديث واحد .و قال عنه: يهبط نبي الله عيسى و أصحابه. يرغب نبي الله عيسى و أصحابه ... يحصر نبي الله عيسى و أصحابه.
و لم يدع رسول الله مجالا لتمرير الفهم السقيم مطلقا . فضلا على أن تاريخ الأنبياء جميعا لا يقدم مثالا واحدا عن نبي نزع عنه الله تعالى صفة النبي في الدنيا .فكيف ينزعها عن عيسى بن مريم ع س ؟.
مع أن حجج القوم داحضة مردودة تحمل في طياتها ما ينسفها نسفا, إلا أننا نريد أن نبسط القضية ليتسنى لكل قارئ واع أن يعرف الحق اليقين.
فإذا كان عيسى بن مريم سيعود للدنيا مسلما عاديا , خلعت عنه صفة النبي. فلماذا لا يرقى أي أحد من أتباع المصطفى لهذه الدرجة البسيطة؟.
لو أن عيسى بن مريم عاد بلحمه و دمه, و على فرض أنه عاد في زمن عودته بعض أصحابه , فهل سيمنعهم من القول عنه يا نبي الله؟.بل سيخبرهم أنه لم يعد نبيا؟.
2-روي عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: (( قولوا خاتم النبيين, و لا تقولوا لا نبي بعده)).فهي كانت تعلم يقينا أن نعمة الوحي مستمرة في أتباع الصادق الأمين .و أرادت بيان الفهم الصحيح لخاتم النبيين البعيد عن كل أشكال التعارض. فخاتم النبيين تعني أكملهم و أفضلهم على الإطلاق. فلن ينال مكانة رسول الله أحد من خلق الله قاطبة. و هي منزلة رفيعة خالدة, لا تزول عن النبي الأكرم محمد صلى الله عليه و آله و سلم.
((ثانيًا: تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
"قولوا خاتم النبيين، ولا تقولوا لا نبي بعده."
(الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص618 الطبعة الأولى عام 1983م دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت)
3-عندما توفي ابراهيم بن رسول الله قال رسول الله : (( لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا)) . فهل سيطعن هؤلاء مرة أخرى في كلام رسول الله الذي أوتي جوامع الكلم؟.
((5841 ] قوله حدثنا بن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير نسب لجده ومحمد بن بشر هو العبدي وإسماعيل هو بن خالد والإسناد كله كوفيون قوله قلت لابن أبي أوفى هو عبد الله الصحابي بن الصحابي قوله رأيت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قال مات صغيرا تضمن كلامه جواب السؤال بالإشارة إليه وصرح بالزيادة عليه كأنه قال نعم رأيته لكن مات صغيرا ثم ذكر السبب في ذلك وقد رواه إبراهيم بن حميد عن إسماعيل عن أبي خالد بلفظ قال نعم كان أشبه الناس به مات وهو صغير أخرجه بن منده والإسماعيلي من طريق جرير عن إسماعيل سألت بن أبي أوفى عن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم مثل أي شيء كان حين مات قال كان صبيا قوله ولو قضى أن يكون بعد محمد نبي عاش ابنه إبراهيم ولكن لا نبي بعده هكذا جزم به عبد الله بن أبي أوفى ومثل هذا لا يقال بالرأي وقد توارد عليه جماعة فأخرج بن ماجة من حديث بن عباس قال لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وقال أن له مرضعا في الجنة لو عاش لكان صديقا نبيا ولأعتقت أخواله القبط.---------من فتح الباري, لابن حجر. كتاب الأدب.
4-حديث اللبنة:
لا شك أن رسول الله شبه صرح النبوة بصرح عظيم جميل.تم كماله و جماله بلبنة محمد صلى الله عليه و آله و سلم .مع أن لبنة عيسى بن مريم لا شك مشمولة في ذاك الصرح.
فهل ستنزع لبنة عيسى النبي الرسول لبني إسرائيل لتعاد مرة أخرى لبنة مسلم عادي؟.
5-عيسى بن مريم ع س رسول لبني إسرائيل خاصة, و بصريح القرآن الكريم. لكن عودته آخر الزمان ستجعل منه رسولا للبشر كافة .و بهذا سيتسلل الشك في كتاب الله الحكيم. فما مصير آي الذكر الحكيم التي تقرر أن عيسى رسولا بني إسرائيل؟.
6- أخبرنا النبي الأكرم محمد –ص- أن الله تعالى خصه بخصال ست , لم تكن لنبي . و ذكر منها أن النبي كان يبعث لقومه خاصة, و أن النبي محمد-ص- بعثته الله للناس كافة . و لو شاركه عيسى آخر الزمان في هذه الخصلة , لثبت بطلان كلام رسول الله و العياذ بالله.
7- صلاة الإستخارة , و فائدتها العظيمة , التي تبين بجلاء استمرار نعمة الوحي في أمة المصطفى –ص-. و لو أن الوحي انقطع بكل أشكاله , فلا فائدة ترجى من صلاة الاستخارة و لا من الصلاة كلها .
8-دعاء النبي الأكرم محمد –ص-:
[ 972 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا فضيل بن مرزوق قال حدثنا أبو سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حزن اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن)).من فهرس ابن حبان –كتاب الرقائق.
لا بد أن يتدبر القارئ الواعي في دعاء النبي هذا.خاصة في قوله: (( أو علمته أحدا من خلقك)).
فالنبي لم يقل , أو علمته أحدا من أنبيائك أو مرسليك.لكنه قال : أحدا من خلقك. و يبقى وجوب البحث عن الكيفية التي يعلم الله بها أحدا من خلقه اسما من أسمائه الحسنى.و الحديث يفيد يقينا استمرار تعليم الله خلقه بعض أسمائه الحسنى .
أفلا تكفي كل هذه البراهين القاطعة على تمام النعمة على أمة جعلها الله خير أمة أخرجت للناس؟.
أفلا يكفي هذا للدلالة على أن أعظم النعم هي نعمة الوحي , و كيف يمكن أن تحرم منها أمة سيد الخلق خاتم النبيين؟.
8-الخلافة على منهاج النبوة:
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سليمان بن داود الطيالسي حدثني داود بن إبراهيم الواسطي حدثني حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال:
-كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بشير رجل يكف حديثه فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء فقال حذيفة أنا أحفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت .من فهرس مسند أحمد كتاب الكوفيين.
فلا شك أن الخلافة الراشدة التي هي على منهاج النبوة, إنما تأتي بعد النبوة .تماما كما حدث بعد رسول الله –ص-.و بما أن رسول الله أخبرنا عن عودة الخلافة الراشدة أي على منهاج النبوة فهي يقينا ستكون تالية للنبوة .و هي الخلافة التي تلي ظهور الإمام المهدي الذي وصفه رسول الله بكونه خليفة الله المهدي.
أدلة استمرار نعمة الوحي من سير الأبرار من أمة محمد-ص-:
-حادثة يا سارية الجبل , لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
-حادثة تغسيل النبي محمد –ص-: حيث اختلف الصحابة في تغسيله في ثيابه أم تجريده منها. فغشيتهم أمنة, و سمعوا مناد ينادي لا يدرى من هو: أن غسلوا نبي الله في ثيابه .ففعلوا.
فمن هو هذا المنادي إن لم يكن ملكا من الله تعالى؟.
(([ 6627 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن واضح أبو تميلة حدثنا بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه وشكوا في غسله وقالوا نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم كيف نصنع فأرسل الله جل وعلا عليهم سنة فما منهم رجل رفع رأسه فإذا مناد ينادي من البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه قالت فغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قميصه قالت عائشة لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله غير نسائه.----------من فهرس ابن حبان كتاب التاريخ .
(([ 914 ] أخبرنا يحيى بن واضح نا محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه وشكوا في غسله فقالوا نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم كيف نصنع فأرسل الله إليهم سنة فما منهم أحد يرفع رأسه فإذا مناد ينادي من البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه قال فغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قميصه قال فقالت عائشة لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله غير نسائه.--------من فهرس مسند إسحاق الجزء الثاني
-الإمام الشافعي , و حادثة استعماله السنة.في دخوله الحمام بمئزره.حيث رأى قوما تجردوا من ثيابهم و دخلوا الحمام. لكنه استعمل السنة( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر). و في تلك الليلة رأى ملكا يخاطبه و يقول له: يا محمد أبشر .فقد غفر الله لك, لأنك أحييت السنة.
فقال الشافعي : من أنت ؟. فقال الملك : أنا جبريل .
و الخلاصة أن القائلين بانقطاع الوحي في أمة المصطفى , إنما يريدون لها الهوان .فهم يقبلون عودة النبوة في أمة المغضوب عليهم , لكنهم يستكثرون أن ينال أحد اتباع سيد الخلق درجة الحواريين أيام عيسى , أو درجة أم موسى .و لا يمكن أن تنقطع نعمة الوحي على البشر.إلا إذا خلت الدنيا من جنس البشر, من بني آدم من الناس من عباد الله أتباع سيد الأولين و الآخرين .
فمن يريد انقطاع النعمة الكبرى , فليخرج من دائرة بني آدم صراحة لا مجازا .
أقوال بعض علماء الأمة في المفهوم الصحيح لخاتم النبيين :
1-يورد الإمام ابن قتيبة –رحمه الله –قول عائشة رضي الله عنها (( قولوا خاتم النبيين و لا تقولوا لا نبي بعده)) و يعلق عليه قائلا: و ليس هذا من قولها ناقضا لقول النبي –ص- ( لا نبي بعدي) لأنه أراد لا نبي بعدي ينسخ ما جئت به.
كتاب تأويل مختلف الأحاديث ص 127 دار الكتاب العربي بيروت.
2-يشرح الشيخ عبد الوهاب الشعراني ( المتوفى سنة 976 ه) حديث ( لا نبي بعدي ) و يقول : فقوله –ص-"لا نبي بعدي"و لا رسول بعدي" , أي ما ثم من يشرع بعدي شريعة خاصة.
اليواقيت و الجواهر للشعراني .ج 2 ص 35 دار المعرفة للطباعة و النشر بيروت 1900 م.
3-
كذلك فإن العلامة ابن خلدون يقول في هذا الصدد:
"فيفسرون خاتم النبيين باللبنة التي أكملت البنيان. ومعناه النبي الذي حصلت له النبوة الكاملة." (مقدمة ابن خلدون ص300 المكتبة العصرية سيدا بيروت عام 1988).
و الأدلة كثيرة و لله الحمد و المنة.
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.آمين.
_________________
و كل النور في القرآن لكن..يميل الهالكون إلى الدخان.
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد أشرف الخلق و المرسلين, و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين .
يقول الله تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (40) سورة الأحزاب.
المفهوم الخاطئ و الأثر السيئ :
ورثت الأمة الإسلامية فهما خاطئا لعبارة , و ترسخ المفهوم الخاطئ عبر قرون من الزمن .و أضحى سدا منيعا أمام كل من يريد فهم كتاب الله حق الفهم .و رغم انتباه كثير من علماء الأمة منذ القرون الأولى إلى هذا الخلل العظيم في عقيدة المسلمين إلا أن أصواتهم كانت لا تسمع بين جمهور غفير ممن عملوا على ترسيخ مفاهيم خاطئة بعيدة كل البعد عن حقيقة الوحي .
من هؤلاء العلماء الأجلاء, الحكيم الترمذي المتوفى سنة 319 للهجرة.
الذي قال : (( فإن الذي عمي عن خبر هذا, و يظن أن خاتم النبيين تعني آخرهم.فأي منقبة في هذا و أي علم في هذا ,؟.هذا تأويل البله الجهلة)).كتاب ختم الأولياء.
و بذلك رسخ الجمهور مفهوما خاطئا لعبارة خاتم النبيين في أذهان عموم الأمة.و لم يتخلص من هذا الفهم السقيم إلا قلة قليلة ممن حباهم الله بالعقل السليم و بالفهم السديد لكتاب الله و سنة رسوله خاتم النبيين.
حصر أولئك معنى ( خاتم النبيين) في آخر النبيين .
مع أن سياق الآية الكريمة, لا يوافق مذهبهم .و لا السياق اللغوي أيضا يسعفهم. فكلمة لكن , تنفي ما قبلها من الجملة و تثبت ما بعدها في نفس السياق .
و الآية الكريمة تنفي أبوة رسول الله البيولوجية للمسلمين, و تثبت أبوته الروحية لهم جميعا.
و بذلك يكون معناها واضحا تماما, في كون رسول الله ليس أبا لأحد من رجال المسلمين أبوة مادية بيولوجية.لكنه أبوهم روحيا باعتبار رسول الله و خاتم النبيين لهم جميعا و إلى قيام الساعة.
أما إذا أخذنا بالفهم التقليدي الخاطئ سننتهي إلى المعنى التالي: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و لكن آخر الأنبياء.
و ننتهي إلى تفريغ الآية الكريمة من محتواها .بل نجعلها آية ناشزة لا استقامة للمعنى فيها البتة.
لقد حسم الإمام المهدي و المسيح المحمدي عليه السلام الخلاف و إلى الأبد بالبراهين القرآنية القاطعة , و أتم إقامة الحجة على المسلمين جميعا و على غيرهم من أهل اللغة العربية بتحد لا يزال قائما حتى اللحظة و سيظل قائما إلى قيام الساعة.
لقد طلب الإمام المهدي من معارضيه تقديم مثال يتيم وحيد على منوال الآية , بحيث تكون كلمة خاتم مضافا.و المضاف إليه جمع العاقل.و لا تعني كلمة خاتم إلا آخر.
و لم يتمكن أحد من أهل العلم و من أهل اللغة من رفع التحدي حتى اللحظة. أفلا تكون هذه آية باهرة على صدق هذا المبعوث الرباني , الذي كان معارضوه يعيرونه بكونه أعجميا؟.
كيف لا تكون آية و قد أصلحه الله في ليلة واحدة , مصداقا لقول النبي خاتم النبيين : (( المهدي منا آل البيت يصلحه الله في ليلة)).
المفهوم الخاطئ لخاتم النبيين و إساءته للنبي و للإسلام و للمسلمين و لله تعالى أيضا:
إن اعتبار عبارة ( خاتم النبيين ) تعني آخرهم, تحمل من الإساءات لله تعالى و للنبي و للإسلام و للمسلمين الكثير الخطير.
إساءة لله تعالى باعتبار تناقض آي الذكر الحكيم :
على فرض كون خاتم النبيين تعني آخرهم, سيكون القرآن الكريم متناقضا بين آياته الكريمة المنزهة عن التعارض و التناقض يقينا .فلا شك أننا حين نقرأ قول الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (75) سورة الحـج.لا شك أننا نفهم من الآية يقينا أن الله تعالى لا يزال يصطفي من الملائكة رسلا, كما لا يزال يصطفي من الناس رسلا .و مفعول الآية الكريمة ماض و إلى قيام الساعة , لصحة القرآن الكريم, و لصلاحيته و إلى يوم القيامة.
لكن مع وضعها جنبا إلى جنب مع المفهوم الخاطئ , يتضح يقينا وجود خلل و تناقض في كلام الله , و هذا ما لا يصح مطلقا.
فالآية الأولى تفيد أن محمدا –ص- هو آخر الأنبياء , لكن الآية الثانية تفيد يقينا أن الله لا يزال يصطفي من الناس رسلا.
و هذا هو الشأن في كل آي الذكر الحكيم التي تفيد يقينا استمرار نعمة الوحي في أمة سيد الخلق و المرسلين .و منها أيضا قول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (35) سورة الأعراف.
إساءة للرسول محمد خاتم النبيين عليه الصلاة و السلام:
إن اعتبار محمد-ص- آخر الأنبياء, ينزله منزلة هي دون مقامه الرفيع الذي لا ينبغي لأحد من خلق الله غير رسول الله خاتم النبيين. فأي مكانة و أية منقبة و أية درجة أن يكون رسول الله هو آخر الأنبياء.
على العكس تماما. سيصبح مجيء رسول الله و العياذ بالله كنقمة على البشرية جمعاء. فقد ظل البشر يتمتعون بنعمة الوحي إلى أن جاء رسول الله , و انقطعت النعمة العظيمة بمجيئه.فهل صار محمد –ص- رحمة و نعمة أم خصومة مع الله و نقمة؟. و حاشاه بل هو رحمة الله للعالمين.
إن القائلين بكون رسول الله هو آخر الأنبياء مجيئا للدنيا, لا يلبثون أن ينزعوا عنه هذه المكانة التي هي دون مكانة رسول الله .فهم على تمسكهم بهذا الفهم الخاطئ ينتظرون مجيئ نبي من بني إسرائيل. و يلتمسون مئات الحجج الواهية لتبرير حياة عيسى بن مريم ع س في السماء و عودته بلحمه و دمه آخر الزمان.
و يكفي أن يتجرد الإنسان للحظة قصيرة من الزمن , ليسأل نفسه: عندما يرجع نبي الله عيسى آخر الزمان.ألا يعني هذا أنه صار هو آخر الأنبياء مجيئا للدنيا؟.
لا يختلف عاقلان على كون مجيئ عيسى آخر الزمان , هو نقض صريح لخاتمية نبوة محمد-ص- .فهو سيصير آخر الأنبياء بدلا من محمد خاتم النبيين .
ثم إن هؤلاء ينقضون مرة أخرى كلامهم , إذ ينتظرون أيضا مجيء الإمام المهدي آخر الزمان. و ليس له من وسيلة يقينية لمعرفة أنه حقا هو الإمام المهدي إلا أن يتلقى وحيا من الله تعالى.عندها سيصبح هو أيضا آخر من تلقى خطابا من الله تعالى. و سيصبح هو آخر الأنبياء حتما و ليس رسول الله خاتم النبيين.
تلخيصا لما سبق , نعتبر كون رسول الله آخر النبيين , إساءة في حق المصطفى, فهي درجة أقل و أدنى من مكانة رسول الله .فضلا على كونها مكانة زائلة لا محالة بمجيئ عيسى بن مريم , و بمجيء الإمام المهدي.3
إساءة للإسلام و للمسلمين:
إن اعتبار خاتم النبيين تعني آخر النبيين , تتضمن إساءة بالغة للإسلام .فهو بالرغم من كونه الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده, إلا أنه لا و لم يفلح في الرقي بأتباعه إلى مصاف الرجال المقبولين عند الله روحيا و إيمانيا. بل لم يفلح الإسلام على يد رسول الله في أن ينتج رجلا في مستوى حواريي عيسى عليه السلام.الذين أوحى الله تعالى لهم.
يقول الله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ} (111) سورة المائدة.
و هذا الفهم العقيم إنما هو إساءة للمسلمين أيضا لأنهم رغم اتباعهم رسول الله إلا أنهم عاجزون عن الإرتقاء إلى مستوى الحواريين الذين آمنوا بعيسى بن مريم.فأوحى الله تعالى لهم.
بل الأمر أخطر من هذا , حين نعلم أن الله تعالى أوحى لبعض سيدات بني إسرائيل , يقول الله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (7) سورة القصص.
فهل عجز محمد-ص- على تكوين رجال مؤمنين , في درجة أم موسى؟.
البراهين القرآنية التي تثبت استمرار نعمة الوحي في أمة المصطفى عليه الصلاة و السلام:
قبل طرح البراهين القرآنية التي تثبت استمرار نعمة الوحي في أمة هي خير أمة أخرجت للناس, نود أن نطلب من الذين يزعمون انقطاع الوحي انقطاعا مطلقا و بكل أشكال الوحي أن يقدموا لنا دليلا قرآنيا واحدا يثبت يقينا صدق مذهبهم.
و لن يسعهم تقديم هذا الدليل اليتيم مطلقا. بل لو أفلحوا و العياذ بالله لأثبتوا يقينا تناقض كتاب الله و العياذ بالله.
لكننا سنطرح بعض الأدلة القرآنية القاطعة التي تثبت استمرار الوحي في الأبرار من أمة سيد الخلق و خاتم النبيين.
1-يقول الله تعالى : {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى.
علقت الآية الكريمة كلام الله على البشر.و لم تعلقه على الأنبياء أو المرسلين. فهي لا تقول : (( و ما كان لنبي أو لرسول أن يكلمه الله)). بل قالت : (( و ما كان لبشر أن يكلمه الله.....)).
فما دام في الأرض بشر, فاحتمال أن يكلم الله بعضهم وارد لا يمنعه أحد.
2-يقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (35) سورة الأعراف.
الخطاب القرآني موجه لبني آدم . و لا يوجد ما يخصص عبارة بني آدم فيمن سبق مجيء محمد-ص- أو غير ذلك. فالبشر الموجودون اليوم في الأرض , هم يقينا من بني آدم.و ما دام في الأرض بنو آدم فالاحتمال وارد أيضا.بأن يبعث الله منهم رسلا يقصون عليهم آيات الله تعالى.
3-يقول الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (75) سورة الحـج.
الآية صريحة و واضحة و لا يمكن ردها إلا بالعدوان الصريح على الوحي .فالله تعالى يخبرنا أن يصطفي في صيغة المضارع و التي تفيد الاستقبال يقينا , لصحة كتاب الله و إلى قيام الساعة.
و معنى القول بانقطاع الوحي , أن الله تعالى لم يعد يصطفي من الناس رسلا.و هذا رد صريح وقح لكلام الله تعالى.
لقد رأينا من خلال هذه الآيات القرآنية الكريمة أن الله تعالى يخبرنا باستمرار الوحي يقينا, على الناس, و على بني آدم, و على البشر.و نحن نعلم يقينا أيضا أن البشر , هو الناس و هم بنو آدم و هم موجودون أيضا في الأرض حتى اللحظة.فاحتمال أن يصطفي الله منهم رسلا وارد لا يمنعه أحد بعكس مشيئة الحي القيوم.
لا شك أن الكلمات الواردة في الآيات القرآنية العظيمة ( البشر, الناس, بنو آدم) تحتاج إلى بحث .فهل نعمة الوحي متاحة لكل بشر.لكل آدمي و لكل إنسان ؟.أي بما يفيد العموم المطلق.
الجواب قرآن كريم يتلى و إلى قيام الساعة, و البرهان القرآني الآتي , يحمل دليلا قاطعا على استمرار نعمة الوحي على البشر’ لكنه يحمل أيضا في طياته تخصيصا تاما لمن هم أهل لهذه النعمة الربانية العظيمة.
4-يقول الله تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ} (2) سورة النحل.
فها هي الآية الكريمة تخصص من هم أولئك الذين يخصهم الله بنعمة الوحي.فتتنزل عليهم الملائكة بالروح أي الوحي باتفاق الأمة. فالروح يفسرونها بالوحي.
إنهم عباد الله .و ليسوا جميع بني آدم وأو جميع البشر أو جميع الناس. و تعني عباد الله, هم الذين يعبدون الله بحق.و لا دين يقبله الله غير الإسلام.و لا شرع يقبله الله غير شرعه و شرع نبيه محمد خاتم النبيين.
فالتخصيص تام و واضح , فنعمة الوحي مستمرة في أمة المصطفى.و في عباد الله الذين قال عنهم الله أيضا :
5- {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} (30) سورة فصلت{نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} (31) سورة فصلت.
فها هم عباد الله الذين قد يخصهم الله بنعمة مخاطبته و وحيه. فهم عباد الله الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.استقامة رسول الله الصادق الأمين . {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (112) سورة هود.
و الآيتان الكريمتان , تحملان أيضا دليلا قاطعا على استمرار نعمة الوحي على عباد الله الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا.فهما تفيدان يقينا أن الملائكة تتنزل عليهم.أي أنها تتنزل مرات و مرات.و لا تقول الآية أن الملائكة نزلت أو تنزل , مرة واحدة.عند الغرغرة أو في الحياة الدنيا, مرة واحدة لا غير. بل تفيد الكلمة (( تتنزل)) وقوع تنزل الملائكة مرات و مرات كثيرة .
6-يقول الله تعالى عن القرآن الكريم : {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (19) سورة القيامة.
لقد تكفل الله تعالى ببيان كتابه و إلى قيام الساعة .لكن السؤال الوجيه , كيف يكون بيان الله تعالى لكتابه القرآن؟.
لا يمكن أن يقول قائل أن الله تعالى سيلقي لنا تفسيرا للقرآن الكريم دون واسطة .و على حين غفلة من الناس. فيجدون تفسير القرآن الكريم مكتوبا بين أيديهم بين عشية و ضحاها.
بل القرآن الكريم يبين لنا كيفية بيان الله تعالى لكتابه المجيد في قوله الذي قرأناه سابقا: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى.
فالله تعالى و كما تعهد ببيان كتابه الكريم, يجتبي من عباده المؤمنين أتباع النبي خاتم النبيين حق الإتباع.و يبين لهم الفهم الصحيح لكتابه الكريم , أو لبعض آياته أو سوره, بطريقة من طرق الوحي المذكورة في الآية القرآنية الكريمة .
7-لقد أخبرنا الله تعالى أن بطشه بالقرى مستمر و إلى قيام الساعة. يقول الله تعالى: {وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} (5Cool سورة الإسراء.
فهمها بلغ البشر من القوة و من الجبروت فهم لا يعجزون الله تعالى و لا يفلتون من عقابه و من سخطه كلما استحقوا ذلك .فهو الذي خلقهم و شدد أسرهم.
لكن الله تعالى تعهد أيضا أنه لا يهلك القرى إلا بعد إنذار واضح و شديد.يقول الله تعالى: {ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} (131) سورة الأنعام.
8-و يقول أيضا: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} (59) سورة القصص.
فلا يحسن بنا أن نسيء الظن بربنا الكريم الرحيم.و نعتقد أنه يمكن أن يتخلى عن وعوده.و يناقض كلامه, فيهلك الناس بعد وفاة محمد –ص- دون سابق إنذار منه .فالآية الكريمة تفيد يقينا أن الله تعالى تعهد بإنذار القرى الظالمة قبل إهلاكها.بأن يبعث في أمها رسولا .
و لا شك أن سنة الله تعالى مستمرة و إلى قيام الساعة .فكان لزاما أن يبعث الله فيمن جاءوا بعد رسول الله رسولا ينذرهم سوء عاقبة ظلمهم.
و لا شك أن البشر الذين أتوا و سيأتون بعد وفاة الصادق الأمين خاتم النبيين مشمولون بسنة الله تعالى هذه. لذلك لا بد من وجود إشارة قرآنية عظيمة و واضحة للمبعوث الرباني الذي سيرسله الله إلى القرى الظالمة بعد رسول الله.
9-يقول الله تعالى: {أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} (17) سورة هود.
فالآية واضحة, حيث تتكلم عن الذي كان على بينة من ربه, و هو محمد-ص-.فهو الذي كان قبله كتاب موسى إماما و رحمة. و لكن من هو الشاهد الذي يتلوه؟.
لا شك أن الآية الكريمة تخبرنا أن هذا الشاهد هو من الذي كان على بينة من ربه. أي من أمته .و ليس من خارج أمة رسول الله الصادق الأمين.
و هو شاهد. بمعنى أن مهمته ستكون الشهادة على صدق الذي كان على بينة من ربه, و الشهادة أيضا على من سيرسله الله إليهم من أمة محمد-ص-.و بذلك سيكون حكما عدلا بينهم .و ستكون مهمته إنذارهم و توجيههم للعودة إلى ما كان عليه النبي و صحبه الكرام.
10-يقول الله تعالى : {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (69) سورة النساء.
لذلك جعل الله تعالى صلاتنا لا تصح إلا بقراءة الفاتحة , حيث يدعو المسلم مرات كثيرة كل يوم و ليلة لأن يجعله الله تعالى من هؤلاء الذين أنعم عليهم .
و إلا فما فائدة الصلاة إن لم تكن ترتقي بالمسلم لتلك المراتب الروحية الإيمانية , التي من بينها مرتبة النبيين ؟.
11-يقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60) سورة غافر.
لقد وعدنا الله تعالى باستجابة الدعاء. فكيف سيستجيب الله دعاءنا و تضرعاتنا إن لم يكن بتوجيهنا بإلهامات منه تعالى؟.
و كيف يستسيغ القائلون بانقطاع الوحي أن يصبح الله تعالى لا ينطق و لا يجيب ؟. و هو الذي استنكر على الكفار عبادتهم لآلهة لا ينطقون؟.
12-يقول الله تعالى : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النــور.
و لا شك أن الذين استخلفهم الله تعالى الأولين في الآية هم المسلمين الأوائل .بعد نبوة محمد-ص- و هم الخلفاء الراشدون.و لا شك أن الموعودين بالاستخلاف الثاني هم الخلفاء الراشدون الذين يأتون بعد خليفة الله المهدي .و لا شك أنهم مؤيدون بالوحي و بالتوجيه الرباني كما كان الخلفاء الراشدون مؤيدين بالوحي و بالتوجيه الرباني .
هذه بعض البراهين القرآنية القاطعة التي تفيد يقينا استمرار نعمة الوحي في أمة خاتم النبيين .و لا شك أن هناك من البراهين القرآنية غير هذه .
المفهوم الصحيح لخاتم النبيين:
يقول الله تعالى : {.......ِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3) سورة المائدة
فلا شك أن الدين كامل , و النعمة تامة على أمة سيد الخلق و المرسلين. فلا دين بعد الإسلام .و لا تشريع رباني بعد القرآن و بعد تشريع النبي محمد خاتم النبيين.
فلا يمكن أن يأتي نبي و لا رسول بدين جديد مطلقا. و لا يمكن أن ينزل الله تعالى كتابا سماويا آخر بعد القرآن الكريم .
أما النبوة من غير تشريع و لا دين جديد, و في ظل نبوة محمد الصادق الأمين , فقد رأينا البراهين القرآنية القاطعة التي تفيد استمرار هذه النعمة العظيمة.
لكن من المؤسف أن يفهم القائلون بمخاصمة الله تعالى للبشر , أن تمام النعمة يعني زوال أكبر نعمة و هي نعمة الوحي. فبأي حق , يستثني هؤلاء أكبر نعمة أنعم الله تعالى بها على البشر المؤمنين؟.
أليس معنى فهمهم هذا أنهم يردون كلام الله ؟. فهم يقولون بلسان حالهم: لا يا رب , أنت لم تتم نعمتك علينا.لأن نعمة الوحي قد حرمتنا منها.
و هذا فهم متعارض يقينا مع كتاب الله الحكيم. الكتاب الخالد و إلى قيام الساعة.و الذي يعني وجوده محفوظا بعهد من الله تعالى استمرار الوحي يقينا.أليس القرآن الكريم وحيا من الله؟.
كيف ينقطع الوحي على أمة المصطفى, و كنز الوحي موجود بين أيديهم يستلهمون منه المعارف القرآنية و الكونية العظيمة في كل حين؟.
أدلة استمرار نعمة الوحي في أمة المصطفى من السنة النبوية الشريفة:
1-من المعلوم لدلى كافة المسلمين أن رسول الله محمد-ص- أوتي جوامع الكلم.و هو أفصح الناس لسانا عربيا مبينا. لذلك لا بد أن تكون السنة النبوية الشريفة أيضا حكما في قضية ختم النبوة.
و لو كان رسول الله يفهم أنه آخر نبي من أنبياء الله, لما أخبرنا بنزول عيسى بن مريم من بعده.إذ سيكون هذا تناقض و تعارض صريح في كلامه .و تعارض صريح مع كتاب الله .
و قد ثبت أن رسول الله أخبرنا قائلا: (( يوشك أن ينزل فيكم عيسى بن مريم حكما عدلا.....)).
و مجيء عيسى بعد رسول الله و يجعل منه آخر الأنبياء مجيئا للدنيا يقينا.و لا يملك المخالفين سوى الجرأة في ردهم كلام الله و رسوله لتطويعه لفهمهم السطحي المتناقض.
لم يدع رسول الله للقائلين بكونه آخر الأنبياء ملاذا و لا تبريرا للتعارض الرهيب في أفكارهم. حيث يزعم بعضهم أن عيسى بن مريم ع س عندما ينزل آخر الزمان لن يكون نبيا.بل سيأتي مجرد مسلم عادي.
لقد سمى رسول الله عيسى بن مريم الذي ينزل آخر الزمان نبيا أربع مرات في حديث واحد .و قال عنه: يهبط نبي الله عيسى و أصحابه. يرغب نبي الله عيسى و أصحابه ... يحصر نبي الله عيسى و أصحابه.
و لم يدع رسول الله مجالا لتمرير الفهم السقيم مطلقا . فضلا على أن تاريخ الأنبياء جميعا لا يقدم مثالا واحدا عن نبي نزع عنه الله تعالى صفة النبي في الدنيا .فكيف ينزعها عن عيسى بن مريم ع س ؟.
مع أن حجج القوم داحضة مردودة تحمل في طياتها ما ينسفها نسفا, إلا أننا نريد أن نبسط القضية ليتسنى لكل قارئ واع أن يعرف الحق اليقين.
فإذا كان عيسى بن مريم سيعود للدنيا مسلما عاديا , خلعت عنه صفة النبي. فلماذا لا يرقى أي أحد من أتباع المصطفى لهذه الدرجة البسيطة؟.
لو أن عيسى بن مريم عاد بلحمه و دمه, و على فرض أنه عاد في زمن عودته بعض أصحابه , فهل سيمنعهم من القول عنه يا نبي الله؟.بل سيخبرهم أنه لم يعد نبيا؟.
2-روي عن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: (( قولوا خاتم النبيين, و لا تقولوا لا نبي بعده)).فهي كانت تعلم يقينا أن نعمة الوحي مستمرة في أتباع الصادق الأمين .و أرادت بيان الفهم الصحيح لخاتم النبيين البعيد عن كل أشكال التعارض. فخاتم النبيين تعني أكملهم و أفضلهم على الإطلاق. فلن ينال مكانة رسول الله أحد من خلق الله قاطبة. و هي منزلة رفيعة خالدة, لا تزول عن النبي الأكرم محمد صلى الله عليه و آله و سلم.
((ثانيًا: تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
"قولوا خاتم النبيين، ولا تقولوا لا نبي بعده."
(الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص618 الطبعة الأولى عام 1983م دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت)
3-عندما توفي ابراهيم بن رسول الله قال رسول الله : (( لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا)) . فهل سيطعن هؤلاء مرة أخرى في كلام رسول الله الذي أوتي جوامع الكلم؟.
((5841 ] قوله حدثنا بن نمير هو محمد بن عبد الله بن نمير نسب لجده ومحمد بن بشر هو العبدي وإسماعيل هو بن خالد والإسناد كله كوفيون قوله قلت لابن أبي أوفى هو عبد الله الصحابي بن الصحابي قوله رأيت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قال مات صغيرا تضمن كلامه جواب السؤال بالإشارة إليه وصرح بالزيادة عليه كأنه قال نعم رأيته لكن مات صغيرا ثم ذكر السبب في ذلك وقد رواه إبراهيم بن حميد عن إسماعيل عن أبي خالد بلفظ قال نعم كان أشبه الناس به مات وهو صغير أخرجه بن منده والإسماعيلي من طريق جرير عن إسماعيل سألت بن أبي أوفى عن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم مثل أي شيء كان حين مات قال كان صبيا قوله ولو قضى أن يكون بعد محمد نبي عاش ابنه إبراهيم ولكن لا نبي بعده هكذا جزم به عبد الله بن أبي أوفى ومثل هذا لا يقال بالرأي وقد توارد عليه جماعة فأخرج بن ماجة من حديث بن عباس قال لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وقال أن له مرضعا في الجنة لو عاش لكان صديقا نبيا ولأعتقت أخواله القبط.---------من فتح الباري, لابن حجر. كتاب الأدب.
4-حديث اللبنة:
لا شك أن رسول الله شبه صرح النبوة بصرح عظيم جميل.تم كماله و جماله بلبنة محمد صلى الله عليه و آله و سلم .مع أن لبنة عيسى بن مريم لا شك مشمولة في ذاك الصرح.
فهل ستنزع لبنة عيسى النبي الرسول لبني إسرائيل لتعاد مرة أخرى لبنة مسلم عادي؟.
5-عيسى بن مريم ع س رسول لبني إسرائيل خاصة, و بصريح القرآن الكريم. لكن عودته آخر الزمان ستجعل منه رسولا للبشر كافة .و بهذا سيتسلل الشك في كتاب الله الحكيم. فما مصير آي الذكر الحكيم التي تقرر أن عيسى رسولا بني إسرائيل؟.
6- أخبرنا النبي الأكرم محمد –ص- أن الله تعالى خصه بخصال ست , لم تكن لنبي . و ذكر منها أن النبي كان يبعث لقومه خاصة, و أن النبي محمد-ص- بعثته الله للناس كافة . و لو شاركه عيسى آخر الزمان في هذه الخصلة , لثبت بطلان كلام رسول الله و العياذ بالله.
7- صلاة الإستخارة , و فائدتها العظيمة , التي تبين بجلاء استمرار نعمة الوحي في أمة المصطفى –ص-. و لو أن الوحي انقطع بكل أشكاله , فلا فائدة ترجى من صلاة الاستخارة و لا من الصلاة كلها .
8-دعاء النبي الأكرم محمد –ص-:
[ 972 ] أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا فضيل بن مرزوق قال حدثنا أبو سلمة الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال عبد قط إذا أصابه هم أو حزن اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور بصري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحا قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات قال أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن)).من فهرس ابن حبان –كتاب الرقائق.
لا بد أن يتدبر القارئ الواعي في دعاء النبي هذا.خاصة في قوله: (( أو علمته أحدا من خلقك)).
فالنبي لم يقل , أو علمته أحدا من أنبيائك أو مرسليك.لكنه قال : أحدا من خلقك. و يبقى وجوب البحث عن الكيفية التي يعلم الله بها أحدا من خلقه اسما من أسمائه الحسنى.و الحديث يفيد يقينا استمرار تعليم الله خلقه بعض أسمائه الحسنى .
أفلا تكفي كل هذه البراهين القاطعة على تمام النعمة على أمة جعلها الله خير أمة أخرجت للناس؟.
أفلا يكفي هذا للدلالة على أن أعظم النعم هي نعمة الوحي , و كيف يمكن أن تحرم منها أمة سيد الخلق خاتم النبيين؟.
8-الخلافة على منهاج النبوة:
حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سليمان بن داود الطيالسي حدثني داود بن إبراهيم الواسطي حدثني حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال:
-كنا قعودا في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بشير رجل يكف حديثه فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء فقال حذيفة أنا أحفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت .من فهرس مسند أحمد كتاب الكوفيين.
فلا شك أن الخلافة الراشدة التي هي على منهاج النبوة, إنما تأتي بعد النبوة .تماما كما حدث بعد رسول الله –ص-.و بما أن رسول الله أخبرنا عن عودة الخلافة الراشدة أي على منهاج النبوة فهي يقينا ستكون تالية للنبوة .و هي الخلافة التي تلي ظهور الإمام المهدي الذي وصفه رسول الله بكونه خليفة الله المهدي.
أدلة استمرار نعمة الوحي من سير الأبرار من أمة محمد-ص-:
-حادثة يا سارية الجبل , لعمر بن الخطاب رضي الله عنه.
-حادثة تغسيل النبي محمد –ص-: حيث اختلف الصحابة في تغسيله في ثيابه أم تجريده منها. فغشيتهم أمنة, و سمعوا مناد ينادي لا يدرى من هو: أن غسلوا نبي الله في ثيابه .ففعلوا.
فمن هو هذا المنادي إن لم يكن ملكا من الله تعالى؟.
(([ 6627 ] أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن واضح أبو تميلة حدثنا بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه وشكوا في غسله وقالوا نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم كيف نصنع فأرسل الله جل وعلا عليهم سنة فما منهم رجل رفع رأسه فإذا مناد ينادي من البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه قالت فغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قميصه قالت عائشة لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله غير نسائه.----------من فهرس ابن حبان كتاب التاريخ .
(([ 914 ] أخبرنا يحيى بن واضح نا محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه وشكوا في غسله فقالوا نجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم كيف نصنع فأرسل الله إليهم سنة فما منهم أحد يرفع رأسه فإذا مناد ينادي من البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه قال فغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قميصه قال فقالت عائشة لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله غير نسائه.--------من فهرس مسند إسحاق الجزء الثاني
-الإمام الشافعي , و حادثة استعماله السنة.في دخوله الحمام بمئزره.حيث رأى قوما تجردوا من ثيابهم و دخلوا الحمام. لكنه استعمل السنة( من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر). و في تلك الليلة رأى ملكا يخاطبه و يقول له: يا محمد أبشر .فقد غفر الله لك, لأنك أحييت السنة.
فقال الشافعي : من أنت ؟. فقال الملك : أنا جبريل .
و الخلاصة أن القائلين بانقطاع الوحي في أمة المصطفى , إنما يريدون لها الهوان .فهم يقبلون عودة النبوة في أمة المغضوب عليهم , لكنهم يستكثرون أن ينال أحد اتباع سيد الخلق درجة الحواريين أيام عيسى , أو درجة أم موسى .و لا يمكن أن تنقطع نعمة الوحي على البشر.إلا إذا خلت الدنيا من جنس البشر, من بني آدم من الناس من عباد الله أتباع سيد الأولين و الآخرين .
فمن يريد انقطاع النعمة الكبرى , فليخرج من دائرة بني آدم صراحة لا مجازا .
أقوال بعض علماء الأمة في المفهوم الصحيح لخاتم النبيين :
1-يورد الإمام ابن قتيبة –رحمه الله –قول عائشة رضي الله عنها (( قولوا خاتم النبيين و لا تقولوا لا نبي بعده)) و يعلق عليه قائلا: و ليس هذا من قولها ناقضا لقول النبي –ص- ( لا نبي بعدي) لأنه أراد لا نبي بعدي ينسخ ما جئت به.
كتاب تأويل مختلف الأحاديث ص 127 دار الكتاب العربي بيروت.
2-يشرح الشيخ عبد الوهاب الشعراني ( المتوفى سنة 976 ه) حديث ( لا نبي بعدي ) و يقول : فقوله –ص-"لا نبي بعدي"و لا رسول بعدي" , أي ما ثم من يشرع بعدي شريعة خاصة.
اليواقيت و الجواهر للشعراني .ج 2 ص 35 دار المعرفة للطباعة و النشر بيروت 1900 م.
3-
كذلك فإن العلامة ابن خلدون يقول في هذا الصدد:
"فيفسرون خاتم النبيين باللبنة التي أكملت البنيان. ومعناه النبي الذي حصلت له النبوة الكاملة." (مقدمة ابن خلدون ص300 المكتبة العصرية سيدا بيروت عام 1988).
و الأدلة كثيرة و لله الحمد و المنة.
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.آمين.
_________________
و كل النور في القرآن لكن..يميل الهالكون إلى الدخان.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى